
"إن هذه الترجمة التي قام بها الباحث المغربي "حميد لشهب" تُشكّل إضافة بما هي تفتح على نصوص فيلسوف ألفه حقل البحث الفلسفي العربي. فيلسوف استثنائي في عصر شح القول الفلسفي حتى في معاقله المعهودة. وإذا كانت قيمة هذا العمل هو استعادة فكر "هيدجر" إلى الواجهة وذلك من خلال مناقشة "هيدجر" المفكر وليس "هيدجر النازي" كما دأبت على ذلك موائد اليمين الثقافي اليهودي والمسيحي -إذا كان الأمر كذلك، فإن ترجمة هذا العمل كانت بمستوى هذا الحدث ... إن الترجمة التي تتخطى التأليف صعوبة بما هي رُفقة صعبة، خبرها "حميد لشهب" كما نعرف ذلك من خلال كل أعماله التي ستشكل في يوم ما واحدا من المعالم التي سيتم من خلالها التأريخ لرحلة النصوص الفلسفية من الفضاء الألماني إلى الفضاء العربي. إن "حميد لشهب" كما عرفته باحثا وصديقا صدوقا يمتلك، بما يكفي، روح الصداقة العالمية أو روح الصداقة العابرة للثقافات والتي تُمثل الدافع اللاشعوري لتورّط الباحث في مشاغل الترجمة". د. محمد مزيان.
"تمتاز طريقة تفلسف كوكلر بصرامة لغوية قل نظيرها، سواء في تركيباته اللغوية أو سرعة إيقاعها -حتى ليخيل للمرء أنه في ماروطون فلسفي يلاحق الأطروحات، ويتجاوزها ويعدلها- بل حتى في ضغط compresser لتؤدي طريقته هذه وظيفتها كوسيط بين الفكر والواقع. وهذا المرور السريع في أسلوب كتابته بين جمل قصيرة لا تتعدى بضعة كلمات، وجمل تحتل مساحات أطول، نصف صفحة في بعض الأحيان، بفواصلها، ومزدوجاتها، وجملها الإعتراضية، تتوخى تعميق الأفكار، وسبر أغوارها، ليتسنى فهمها وهضمها. وقد احتفظنا في غالب الأحيان بهذا القالب التعبيري لكوكلر، وشفيعنا هو أن لغة الضاد لحسن الحظ تتحمل مثل هذا الأسلوب في الكتابة، نظرا للغنى اللغوي الذي توفره، لا يضاهيه إلا غنى اللغة الألمانية ذاتها. وهنا بالضبط تكمن الأمانة في الترجمة الملتزمة والهادفة إلى تقريب فضاءات فكرية وفلسفية مختلفة، بُغية توفير سبل للتعايش والحوار، ولما لا التكامل والتعاون من أجل غد أفضل للإنسانية". حميد لشهب.
"إن النقد الأساسي المرتبط بالزمن والمجتمع هو جزء من محاولة هيدجر إعادة طرح سؤال الكينونة - كسؤال أساسي في الفلسفة-. وينتج عن هذا أيضًا الحق في طرح الفهم الذاتي التقليدي للإنساني - "الأنثروبولوجيا" السائدة إذا جاز التعبير - من حيث متطلباتها الميتافيزيقية محط تسائل. ويعني هذا بالنسبة لهيدجر بأن "الإختلاف الأنطولوجي" - الفرق بين الكينونة والوجود - والعلاقة بين الإنسان والكينونة يجب أن يُفكر فيها بشكل مختلف عن التفكير بالوسائل المفاهيمية للفلسفة السابقة. وهذه هي أيضا المشاكل المعروضة هنا لتأملات منشورة حول ثلاثة مجالات في فلسفة هيدجر: (1) في الأنثروبولوجيا "الأنطولوجية" (بتمييزها عن مجرد "الأنثروبولوجيا المميزة")، (2) محاولته التغلب على المفهوم المسيحي لله في اتجاه فهم أصيل أكثر للإلهي، و(3) السؤال إلى أي مدى يتوافق "التفكير في الكينونة"، الذي أراد أن يترك إرادة قوة التكنولوجيا وراءه و"يتجاوز" الميتافيزيقيا، مع التزامه المجتمعي والسياسي قصير المدى (والذي فشل في النهاية) ... تتجلى أهمية - وبالتالي راهنية هيدجر- أيضًا في الانشغال المستمر بفكر هيدجر في العالم العربي والإسلامي. وكما ذكرت في مقدمة الترجمة العربية الأولى لأحد نصوص هيدجر (2011)، فإن نقل فلسفة هيدجر يمثل تحديًا تأويليًا بامتياز. لقد أدركت بالفعل "عدم قابليته للترجمة تقريبًا" في المحاضرات والمنشورات السابقة حول تفكيره باللغة الإنجليزية. أقدر جهود د. حميد لشهب، وهو أيضًا في منزله في لغة هيدجر الأم، لعرض تحليلي لهذا التفكير في العالم العربي". هانس كوكلر.