
عرفت هذا الفنان وهو ما يزال دون العشرين من عمره ،كنت قد شاهدت له مسرحية "هل من حل" قد قدمتها فرقة هاوية من سلا، ولم يكن متميزا في نظري من ناحية التشخيص فقط وإنما الشيء الذي لفت نظري إليه هو أنه كان المؤلف لهذا النص البسيط جدا والجميل أكثر من جدا.. ولذا حين انتهاء العرض وكنت ضمن لجنة التحكيم بعتث من يطلبه لمقابلتي رغبة في التعرف عليه ومحادثته واستفساره عن الكيفية التي كتب بها بعض مواقف مسرحيته،وإذا بي أجد نفسي أمام موهبة فذة تمثلت أمامي في هذا الشاب النابع الفكر المستيقض المنتبه وأيضا الواعي بما يدور حوله من أحداث وما يروج في مجتمعه من مواقف قد تكون مأساوية باكية ، ولكنه يتناولها بنسمات تتحول إلى ضحكات والضحكات تتحول إلى قهقهات وكأن لسان حاله يقول للناس ذلك المثل المغربي الشائع : "الهم يبكي وإذا كثر أضحك" كان الفتى على بينة أمره، فهو يعرف كيف يضع الفترة المسرحية –الحوار- وكيف يعزف فن الكلام وفن القول ما يستطيع أن يقف على قدميه فوق الخشبة وما هو كاسح لا يستطيع السير ولا الوقوف وقد لايصلح حتى للقراءة والمرء يجلس على أريكة مريحة.
وأكثر من ذلك وهذا هو الأهم في المسرح أو البناء الدرامي أو الأرضية الحوارية كما يطيب لبعض أساذتنا، كان يعرف كيف يحدد بها معالم شخصياته ، فالأشخاص عنده مستقلون والمتشابه منها في رأي الجمهور العادي هو محدد المعالم والطباع والتهيئات وحتى المفردات القاموسية المستعملة هي شخصيات محددة بكل معنى الكلمة عند كل من له إلمام بجوهر البناء الدرامي..وهذه خاصية لا تتوفر عليها إلا قلة قليلة ممن يتعاطون الكتابة المسرحية،......
الفنان المرحوم أحمد الطيب العلج