
من شقوق الخيزران تسلل شجن ناي غادره عازفه على عجل ، ينعيه دف لا مبال يتدحرج كندف وهم بللت ذات غسق أشباه أجساد تنتحب رقصا ليتردد صداه حنينا ، فيستوطن بروح المبدعة الطفلة لتداري به فقدا أبويا ، أجج من رهافة حسها باليتم النفسي للكائن بكل ما تحمله الآدمية من معنى ، فانكبت منذ حين إلى حياكة فن الألم ونسجه ترسيمة إنسانية . هكذا دوزنت الفنانة التشكيلية المغربية نعيمة الملكاوي الظلام لونا ، تُشرع ملونتها الجوانية لإنارة عتمة الوجود .
على هذا المذبح الذي نسميه الحياة ، اختارت المبدعة أن تقدم الضوء قربانا للظل،لتضيء السراديب الضيقة والممتدة حينا عبر الريشة، وحينا آخر بارتجال مفردات أو عبارات موزونة و شفهية في غالبها ، نادرا ما تكتب الفنانة ما تجود به قريحتها البوهيمية على ورق ضائع او مبتور في مرسمها ، لا ترى فيما تبدعه شيئا يستحق التوثيق ، المعاناة عندها زهد والألم لا يحتاج لتهليل ، و بنظرها أبسط ما يمكن أن نقدمه لمن يئن الجنوح به نحو روحانية الوجع .
ضاع الكثير في الأثير مما نطقت به المبدعة الزجالة والفنانة نعيمة الملكاوي ، ونُثرت شذرات أخرى جزعة على أوراق مهملة، لكن حاولت تجميع ما استطعت من منطوقها ومكتوبها في هذه الأضمومة الزجلية والتي اختارت لها عنوان "لون الظلام" وزينت غلافها بلوحة موحية متناغمة مع متن الديوان حيث يحضر القاموس التشكيلي ونتوءات الصورة الشعرية ، ناهيك عن العناصر الأولية للطبيعة والتي كانت دائما مادة أساسية لاشتغال الفنانة سواء على مستوى اللوحة أو على مستوى بناء المجاز الزجلي ، بذلك تكون الملكاوي انتصرت لمقولتها :
اللون هو عشقي الأول
كنت أو مزال عليه نعول
كان أو مزال طرف مني
أنا همو أو هو همي
نرسم الخطوات يبصم العفطات
نلونو بجوج هاذ الحياة
فتيحة النوحو
صحفية وشاعرة مغربية