....إن الجدل الحاسم، ليس حول إثارة المشاعر الإنسانية التي تتأذى من مشاهد البؤس والظلم الاجتماعي. وإنما توسيع أفق قراءة أجيالنا الصاعدة للواقع المعيش. فلأمر فيه يتعلق بإثارة الحس النقدي عند "القارئ المواطن" سواء تجاه الشأن الثقافي، أو الاجتماعي والسياسي. إذ، لا يمكن أن يظل الفكر مقصورا على فئات معينة، تسخر تفوقها المعرفي، إما محليا من أجل مصالح طبقية، أو دوليا من أجل الهيمنة الإمبريالية. بحيث يتضح أننا بصدد حالة تفويقية في ظل عولمة تغدق الفقر بين صفوف الأغلبية، مقابل قلة تستمتع بالاستهلاك والرفاهية المادية. ومن ثمة، فإن الوضعية الحالية تُبقي المجتمع الإنساني على نفس الصراعات من أجل الوجود التي تفرضها استمرارية واقع الرأسمالية الشرسة. مع كل ما يترتب عن ذلك، سواء عند الأفراد أو الشعوب المحرومة، من تهميش وسلب للحقوق المدنية. صراعات كبرى لازالت تعمل جاهدة على تقسيم البشر في شكل زائف، ديني أو عرقي، طائفي أو لغوي، من أجل طمس الفوارق الطبقية. لدرجة، أصبح يبدوا معها العالم، وكأنه لم يدخل بعد عصر التنوير.
............ تـرابطات بين الاستبداد والحرمان الذي يولد الحقد الطبقي، بل الحقد على الحضارة. وذلك في ظروف يتم فيها استخدام اللاهوت، والعنصرية، والطائفية، بكل قوة في الممارسة العامة. بحيث، تصاعدت الأصوليات المسكونة بهاجس الهويات العنصرية في الغرب، وتطرف الأصوليات الدينية والطائفية بالعالم العربي والإسلامي. أصوليات تطرح نفسها بديلا شقيا قوامه الوحيد إلغاء الآخر، والفهم المطلق للأمور الدينية أو الاجتماعية والسياسية.